مسألة الاغتصاب تثير انقساماً جديداً بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي
مسألة الاغتصاب تثير انقساماً جديداً بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي
أثارت قضية الاغتصاب انقساماً جديداً بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مؤخرا، رغم الترحيب في وقت سابق بقرار المفوضية الأوروبية الصادر في الثامن من مارس 2022 بشأن توحيد التشريعات الجزائية في شأن حالات العنف ضد المرأة في دول الاتحاد الأوروبي.
وترغب عدد من الدول في إدراجها ضمن التوجيه، وهو موقف يؤيده كل من المفوضية والبرلمان الأوروبيين، بينما أبدت بلدان أخرى في مجلس الاتحاد معارضة لإدراجه لأسباب قانونية، وفقا لوكالة فرانس برس.
ويؤيد الفريق الأول (إيطاليا، بلجيكا، اليونان..) تعريف الاغتصاب الذي أدرجته المفوضية الأوروبية في الفصل الخامس من مسودة التوجيه، ويقوم على عدم توافر عنصر الرضى في العلاقة الجنسية.
أما المجموعة الثانية (فرنسا وبولندا وألمانيا...)، فتشير إلى أن الاغتصاب لا يندرج تحت بند "الاستغلال الجنسي للنساء والأطفال" المذكور في معاهدة عمل الاتحاد الأوروبي (TFEU) التي تُعدد الجنايات التي يمكن توحيد التشريعات في شأنها، وليس تالياً ضمن اختصاص الاتحاد الأوروبي.
وتُبذل راهناً مساعٍ لإيجاد حل وسط في إطار المناقشات "الثلاثية" المعتادة بين مفاوضين من البرلمان والمجلس، بوساطة المفوضية الأوروبية.
وعلى الأرض، يضغط الفريق الأول بصورة أكبر، على غرار العضو الفرنسي في البرلمان الأوروبي رافاييل غلوكسمان الذي أطلقت حركته "بلاس بوبليك" عريضة بعنوان "لا لتخريب القانون الأوروبي" جمعت أكثر من 140 ألف توقيع.
ويقول غلوكسمان "إنّ وجود فرنسا في تحالف الرفض هذا يشكل كارثة"، مضيفاً أن "من غير المعتاد لحكومة تدّعي أنها مؤيدة جداً لأوروبا أن تصبح فجأة متوجسة جداً من مخاطر توسيع صلاحيات المفوضية الأوروبية والقانون الأوروبي".
وفي بروكسل، تندد المفوضة الأوروبية للمساواة إيلينا دالي في تصريح لها في يونيو الفائت بما وصفته بـ"التفسير الضيّق" لمعاهدة عمل الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أنّ هذه القاعدة سبق أن استُخدمت سنة 2011 لتجريم الاعتداء الجنسي على الأطفال.
صادم ورجعي
وتوافقها الرأي النائبة الفرنسية في البرلمان الأوروبي، ناتالي كولان أوسترله، التي وجهت رسالة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 12 سبتمبر، دعته فيها إلى "إعادة النظر في موقفه".
وتقول أوسترله "من الواضح أن الدول ليست موافقة على تعريف الرضى"، مضيفةً "إذا كان واضحاً على مستوى المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي أنّ كلمة نعم وحدها تعني الرضى"، فإن بعض الدول الأعضاء "ترغب في وجود شروط أخرى لاعتبار العنف اغتصاباً"، كالإكراه مثلاً.
أما موقف المجلس الأوروبي فيثير الدهشة في عدد من البلدان الأخرى، وتعتبر النائبة السويدية في البرلمان الأوروبي إفين إنسير أنّ هذه المسألة "خط أحمر".
وشاركت إنسير مع النائبة الأيرلندية في البرلمان الأوروبي فرانسيس فيتزغيرالد، في كتابة مقالة في نهاية سبتمبر أكّدتا فيها أن استبعاد الاغتصاب من التوجيه "سيكون صادماً ورجعياً وإهانة للنساء والرجال على السواء".
وفي نهاية مايو، أبدت بلجيكا واليونان وإيطاليا ولوكسمبورغ علناً أسفها للـ"افتقار إلى الطموح"، موضحة أنها "لن توافق" على تحليل غير كافٍ لقاعدة قانونية.
وتشير الوكالة الأوروبية للحقوق الأساسية، إلى أنّ امرأة من كل 3 نساء في دولة من الاتحاد الأوروبي عانت عنفاً جسدياً أو جنسياً منذ سن 15 عاماً، فيما تعرّضت امرأة واحدة من كل 20 إلى اغتصاب.
وشدد اللوبي النسائي الأوروبي، الاثنين، على أن "النساء والفتيات في أوروبا سئمن الانتظار".
وتلفت كاميّ بوتين، وهي مستشارة لدى الشبكة الأوروبية للاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة، إلى أنّ نافذة الفرص ضيقة، وتقول إنّ "الانتخابات الأوروبية ستجرى في يونيو المقبل، ولن يكون هناك توجيهات جديدة مُقترحة".